22 نوفمبر، 2024

محافظة سلفيت

اسرائيل تمارس الابارتهايد الفعلي والرقمي (محافظة سلفيت نموذجا)

بقلم : د. عبد الله كميل

محافظة سلفيت ذات ال 18 تجمعا فلسطينيا والبالغة مساحتها 204 كم مربع وبعدد سكان يقارب ال 90 الف نسمة والتي تقع في وسط الضفة الغربيه، تتعرض “للابارتهايد” المنظم من قبل دولة الاحتلال ومستوطنيها ، ففي الوقت الذي تلتهم فيه 24 مستوطنة جاثمة على أراضي محافظة سلفيت الأرض وتربط بينها شبكات مياه وكهرباء ومجاري وطرق وجسور مخصصه في معظمها فقط للمستوطنين في ابشع صور العنصرية ، تتوسع وتتضخم تلك المستوطنات بشكل يومي على حساب أراضي الفلسطينيين في المحافظة ، الذين يتم التضييق عليهم بكل الوسائل من خلال مصادرة الأراضي واقتلاع الأشجار ومصادرة المعدات الفلسطينية التي تعمل على أي نوع من البناء او شق الطرق .
كما تتعرض المحافظة الى أوسع حمله من إنذارات وقف البناء والهدم تطال معظم بلدات وقرى المحافظة حيث وصلت مجمل الانذرات لعام 2023 ، 210 انذار وقف بناء، يضاف اليها عشرات إنذارات وقف البناء في السنوات السابقه ليصل مجموعها في قراوة بني حسان 175 انذار وفي بلدة كفرالديك ما يزيد عن 150 انذار بلغ عدد الإنذارات في ديربلوط ما يزيد عن 100 انذار وكذلك في بلدة الزاوية اكثر من 70 انذار.
ان تعدد الأساليب للسيطره على الأرض ونهبها من خلال عصابة ما يسمى ” فتية التلال ” والاستيطان الرعوي الذي يشكل أداة لتاسيس البؤر الاستيطانية من اجل السيطره على الأراضي ، حيث يقام على اراضي محافظة سلفيت 17 بؤرة استيطانية منها 14 ماهوله و3 غير ماهولة، كل هذه الاشكال للاستيطان تتم ضمن خطة توسعية احتلالية احلالية ينفذها المستوطنون وبدعم حكومي كامل، أدت الى تقسيم المحافظة الى كنتونات ومعازل ، محاصرة من كافة الجهات بالاستيطان ومخلفاته التي تهدد الأراضي الزراعية والثروه الحيوانية في المحافظة .
“الأبارتهايد الرقمي”
ان الشكل الخطير الذي تنتهجه دولة الاحتلال في محافظة سلفيت يمكن ان يندرج تحت مسمى “الأبارتهايد الرقمي”، والذي يتمثل في نشر كاميرات المراقبة على كافة الشوارع الرئيسية والاعمده والابراج وحدود المستوطنات وجدار الفصل العنصري ، لدرجة ان مفرق حارس على سبيل المثال يتوزع عليه ما يزيد عن 50 كاميرا وكذلك مفرق كفل حارس وهي معززه بتجهيزات كثيرة ومزودة باجهزة مراقبة سمعية و بصرية وأجهزة استشعار ، فعندما تقوم الحواجز الثابته والطياره بتصوير الهويات وأرقام السيارات بشكل يومي ، فان الهدف هو تغذية قاعدة البيانات .
أنظمة “الذئب الأحمر” و”قطيع الذئاب” و”الذئب الأزرق”
وهنا يظهر ان سلطات الاحتلال تستخدم نظاما للتعرف على الوجه يعرف باسم “الذئب الأحمر” لتعقب أبناء المحافظة وتحركاتهم ، باستخدام بيانات بيومترية تم الحصول عليها بصورة غير مشروعة، لرصد تحركات المواطنين والتحكم بهم ، وزيادة التشديد لجعل القيود القاسية المفروضة على حرية تنقلهم مؤتمتة ، وهذا يشكل جزءا من شبكة مراقبة متنامية تسعى من خلاله منظومة الاحتلال الى احكام السيطره على كافة تحركات الفلسطينيين في محافظة سلفيت ، وهي انعكاس رقمي لنظام الفصل العنصري “أبارتهايد” الذي تطبقه إسرائيل.
فعندما يمر الفلسطيني عبر حاجز إسرائيلي يتم تشغيل ما يسمى نظام “الذئب الأحمر”، الذي يمسح وجهه دون علمه أو موافقته، ويقارن بالسجلات البيومترية الموجودة في قواعد البيانات التي تتضمن حصرا معلومات حول الفلسطينيين، وتستخدم هذه البيانات لتحديد ما إذا كان الشخص يستطيع أن يمر عبر الحاجز، ويسجل أي وجه جديد يمسحه تلقائيا وبيومتريا، كذلك يستطيع “الذئب الأحمر” منع الدخول بناء على معلومات أخرى مخزنة في ملفات التعريف الخاصة بالفلسطينيين، مثلا إذا كان الشخص مطلوبا للاستجواب أو الاعتقال، ويرتبط نظام “الذئب الأحمر” بنظامي مراقبة آخرين يديرهما جيش الاحتلال هما “قطيع الذئاب” وهو عبارة عن قاعدة بيانات واسعة، تحتوي على كافة المعلومات المتوفرة عن الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك مكان إقامتهم، وأفراد عائلاتهم، وما إذا كانوا مطلوبين للاستجواب من جانب الاحتلال الإسرائيلي، إضافة الى نظام “الذئب الأزرق” والذي يعتبر تطبيقا يستخدمه جيش الاحتلال من خلال الدخول إليه عبر أجهزة الهاتف الذكية والأجهزة اللوحية، ويستطيع أن يعرض فورا المعلومات المخزنة في قاعدة البيانات .
تكنولوجيا المراقبة انتهاك لحقوق الفلسطينيين
المطلوب فرض حظر عالمي على تطوير وبيع واستخدام تكنولوجيا التعرف على الوجه لأغراض المراقبة لإسرائيل، وضرورة ان يكون هناك دورا فاعلا للمؤسسات الدولية لمنع انتهاك حقوق الفلسطينيين ، الذين يشعرون بشدة بتأثير هذه الكاميرات العديدة، والتي تنتهك هذه المراقبة الجماعية الحقوق في الخصوصية والمساواة وعدم التمييز، كما أن لها تأثيرا سلبيا على الحقين في حرية التعبير والتجمع السلمي من خلال ردع الفلسطينيين عن الاحتجاج، ومفاقمة مناخ من الخوف والقمع، واصبح يتعين على الفلسطينيين الآن مواجهة خطر تعقبهم بواسطة خوارزمية، أو اعتقالهم استنادا إلى معلومات مخزنة في قواعد بيانات تمييزية للمراقبة، ويشكل هذا توضيح لسبب تعارض تكنولوجيا التعرف على الوجه مع حقوق الإنسان عند استخدامها بهدف المراقبة.
أتمتة نظام الفصل العنصري في محافظة سلفيت
ان التوسع المستمر الذي يمارسه الاحتلال للمراقبة في محافظة سلفيت، يرسخ رقميا نطاق سيطرة الاحتلال والمستوطنين، ويساعد على التغول في تحقيق الاطماع الاستيطانية غير القانونية للمستوطنين غير القانونيين، إضافة إلى الدور الذي تلعبه المراقبة في ردع الاحتجاجات المناهضة للتوسع الاستيطاني، كما ان استخدام الاحتلال أدوات مراقبة متطورة لتعزيز التفرقة والعزل إلى حد كبير، وأتمتة نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين ، بحيث أضحت محافظة سلفيت منطقة ذكية، فالحقيقة هي أن الشوارع مليئة بكاميرات المراقبة المركبة على جوانب الأبنية وأعمدة الإضاءة وأبراج المراقبة وأسطح الأبنية ومعظم الشوارع الرئيسية والمناطق المحيطة في المستوطنات ، ما يضاعف من التفرقة والعزل الشديدين أصلا السائدين في محافظة سلفيت.