بقلم : د. عبد الله كميل. منذ اليوم الأول للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، تتعرض الضفة الغربية لمجزرة صامتة تتسارع بشكل مقلق، حيث يفرض الاحتلال حصارا شاملاً ينفذ باسم حماية المستوطنين، وتحت ذريعة الحاجة إلى تأمين الطرق الالتفافية، كما تظهر هذه الحملة أيضًا في مطالب بإقامة مناطق عازلة حول المستوطنات وتقييد حركة الفلسطينيين على الطرق؛ ومن خلال متابعاتنا وجدنا ان عددا كبيرا من البوابات والحواجز الامنيه والعسكريه التي تحد من حركة المواطنين الفلسطينيين تم اقامتها او وضعها بشكل مباشر من المستوطنين او بطلب منهم والهدف دوما ممارسة السادية اتجاه الفلسطينيين .
في محافظة سلفيت، نجد مثالاً حيًا على هذا التوتر المتزايد، يتسارع التوسع في الاستيطان، ويتزايد تسليح المستوطنين، ما يشكل تهديدا مستمرا للاستقرار، فالتسليح يُعزز سيطرة المستوطنين على الأراضي ويزيد من حدة التوترات، ولا يمكن تجاهل التأثير النفسي البالغ وارتفاع مستوى القلق والخوف بين السكان الفلسطينيين.
ومن المهم فهم أن هذا التسليح لا يمثل تهديدًا فقط على الصعيدين الأمني والاقتصادي، بل يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وهذا يفرض ضرورة التحرك الدولي العاجل لوقف هذا التهديد، والعمل على فرض عقوبات على المسؤولين الاسرائليين عن تسليح المستوطنين.
تسليح المستوطنين برعاية حكومية:
ان قرار يتسحاق أهرونوفيتش وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال “تسهيل وزيادة تسليح الجمهور الإسرائيلي” شكل اعلان رسمي باطلاق موسم “القتلة المرخصين” فعليّاً، ومنحهم غطاء قانونيّاً لقتل أي فلسطيني لمجرد الاشتباه به ، كما ان أعلان بن غفير أن “إسرائيل تسلح نفسها” والذى ظهر علنًا يوزع السلاح على المستوطنين، ضاعف من عدد حاملي السلاح في المستوطنات، فمستوطنة أريئيل المقامة على أراضي محافظة سلفيت أصبحت من المستوطنات التي تتصدر النسب المرتفعه في التسليح ، حيث نسبة حاملي السلاح هي 9.2%، وفي المقابل ، فإن نسبة حاملي السلاح في تل أبيب والقدس هي 1.5% تقريبا، وبحسب الاعلام العبري ان عدد الاسرائيليات اللواتي حصلن على “رخصة حمل سلاح”، ارتفع بنسبة 88% منذ بداية العام الجاري 2023، وأظهرت البيانات، أن من بين الـ510 اللواتي حصلن على رخص لحمل السلاح، فإن 42% منهن يقطن في المستوطنات في الضفة الغربية، وينطلق المستوطنون في هجماتهم عبر مجموعات خاصة وبمسميات عدة أهمها “شبيبة التلال” و”تدفيع الثمن” و”كهانا حي”، وهي امتداد لجماعات مشابهة انطلقت عقب احتلال إسرائيل الضفة الغربية عام 1967، وتشابهت في الأهداف والسياسات مع جذورها من عصابات “شتيرن” و”الهاغاناه” و”الأرغون” التي قتلت وهجَّرت الفلسطينيين سنة 1948.
تصاعد الهجمات في محافظة سلفيت:
منذ بداية عام 2023 والمستوطنون في صراع مع الزمن لتنفيذ مخططاتهم بالقتل للاستيلاء على أكبر مساحة من الأرض، مستغلين وجودهم وتأثيرهم في الحكومة المتطرفة ، فجرائم المستوطنين الاخذه بالتنامي حجماً ونوعاً وعدداً ، وعلى مرأى من جيش الاحتلال وتحت حمايته تشكل خطرا حقيقيا يهدد حياة المواطنين سواء في محافظة سلفيت او باقي محافظات الوطن؛ حيث رصدنا في الاونة الاخيرة ما يزيد عن 220 اعتداء نفذته عصابات المستوطنين ضد الاهالي والمزارعين وممتلكاتهم بالمحافظة.
وابرز ما يؤكد على تصاعد التطرف والحقد لدى المستوطنين، قيامهم مؤخرا بالقاء منشورات تدعو للتهجير الى الأردن، حيث تم توزيعها في بلدة ديراستيا بمحافظة سلفيت، كما ان استشهاد الشاب المهندس علي حرب وهو يفلح ارضه في قرية سكاكا بالطعن من على يد مستوطن ، واستشهاد الشابين مثقال ريان واحمد عاصي برصاص مستوطنين وهما يدافعان عن ارضهم في قراوة بني حسان ، نماذج حية تشكل انعكاسا للتطرف ونهج القتل لدى المستوطنين من اجل السيطره على الأرض.
الاستيلاء على الأرض:
ان الهدف الأساسي الذي يعمل عليه المستوطنون السيطره على اكبر مساحة من الأرض ، لذلك لا تتوقف الجرافات التي تعمل على تسمين المستوطنات ال 24 الجاثمة على أراضي محافظة سلفيت والتي تتوسع بشكل يومي ، من خلال بناء الوحدات السكنية الجديدة واضافة احياء كامله لبعض المستوطنات كما في مستوطنة “ياكير” ، وتجريف الأراضي لمد خطوط المياه كما يحصل في أراضي سرطه المحاذية لمستوطنة “بركان”، وتوسيع البؤر الاستيطانية كما يحصل في منطقة الراس في سلفيت واضافة الكرافانات في البؤرة الاستيطانية المقامة في خله حسان في بديا، وشق طرق استيطانية تصل الى منازل الاهالي كما هو حاصل في بلدة قراوة وغيرها من بلدات غرب سلفيت؛ اضف الى ذلك قرارات المصادرة والتي كان اخرها في قرية فرخة، حيث تم الاعلان عن مصادرة اراضي تبلغ مساحتها ما يقارب 1400 دونم، ويوجد فيها نبع ماء، يغطي 25-30% من احتياجات القرية من المياه، ويسكن في المنطقة عددا من الأسر البدوية التي يلاحقها المستوطنين ويحاولون طردهم من المنطقه، الى جانب التضييق على الفلسطينيين في عمليات البناء من خلال إنذارات وقف البناء وعمليات هدم المنازل كما حدث في كفرالديك.
تقييد الحركة في محافظة سلفيت:
تعيش محافظة سلفيت حاله من تقطيع الاوصال والارباك لحياة المواطنين وتحركاتهم بسبب ازدياد اعتداءات المستوطنين ، والإجراءات العقابية التي يمارسها جيش الاحتلال من خلال نصب الحواجز الطياره على مداخل البلدات والقرى في المحافظة والتي تقوم بتفتيش المواطنين وفحص هوياتهم واحتجازهم لساعات ، إضافة الى البوابات الحديدية التي تم وضعها على معظم مداخل ومخارج التجمعات الفلسطينية ووصل عددها في المحافظة لاكثر من 25 بوابة والتي يتم فتح واغلاقها بين الفترة والأخرى كما في بلدات قراوة بني حسان وبروقين وحارس واغلاق مدخل كفرالديك منذ ما يزيد عن شهر ونصف ، ومدخل سلفيت التاريخي الذي تم وضع بوابه حديدية عليه يخضع اغلاقها الى تنافس انتخابي في مستوطنة ارئيل بين المرشحين المتطرفين.
الاستيطان وممارسات المستوطنين سببا للتوتر والعنف :
ان الاسباب الحقيقية لتصاعد العنف والتوتر هو الاستيطان وارهاب المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني والذي وصل حدا لا يطاق تمثل بالقتل والاعتداءات المباشره على المواطنين الفلسطينيين ومصادره اراضيهم والاعتداء على ممتلكاتهم ومنعهم من قطف ثمار زيتونهم او الوصول لارضهم من خلال اطلاق النار عليهم وطردهم تحت تهديد السلاح، حيث تقدر مساحة الاراضي التي لم يستطع المزارعين الوصول اليها هذا الموسم بحوالي 11 الف دونم مزروعة ب100 الف شجرة زيتون، وكل ذلك يتم بحماية المؤسسة الرسميه الامنيه والعسكريه لدولة الاحتلال ، وفي ظل عدم وجود ضغوط دوليه حقيقيه لمنع جرائم المستوطنين وغياب الافق لحل سياسي يكفل الحريه واقامة دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967م وفق قرارات الشرعيه الدولية ، ستبقي دوامة العنف في تصاعد وانعدام الامن والامان ، ما يؤثر على الامن والسلم الدوليين.
More Stories
محافظ سلفيت اللواء كميل يفتتح معرض صور الذكرى السنوية العشرين لاستشهاد القائد ياسر عرفات
محافظ سلفيت اللواء كميل يترأس اجتماعا لمسؤولي العلاقات العامة في المؤسسات الرسمية
الاحتلال يطرد مزارعين من أراضيهم في سرطة غرب سلفيت